فإن قيل: فإذا كان الأمر في الصحابة1 فما منعهم عن نصرته ولم خذلوه. قيل لهم: معاذ الله أن يكون فيهم من خذله أو قعد عن نصرته، وإنما نهاهم عن ذلك وناشدهم الله، وعرف أن الجيوش قد سارت إليه من الأمصار، ولم ير أن في الصحابة من يماثل عددهم، وخاف إراقة دماءهم، لما روي أن المغيرة بن شعبة قال له: إنه قد نزل بك ما ترى، وأنا أعرض عليك خصالا ثلاثا: إن شئت خرقنا لك بابا من الدار سوى الباب الذي هم عليه فتقعد على رواحلك فتلحق بمكة، فإنهم لن يستحلوك وأنت بها، أو تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية، وإن شئت خرجت بمن معك فقاتلهم وإن معك عدة وقوة، وإنك على حق وهم على باطل، فقال عثمان: أما قولك تخرق لي بابا من الدار فاقعد على رواحلي فألحق بمكة فإنهم لن يستحلوني وأنا فيها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحق2 رجل من قريش بمكة3عليه نصف عذاب العالم فلن أكون إياه4، وأما قولك الحق بالشام فهم أهل الشام وفيهم معاوية فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وأما قولك: إن معي عدة فأخرج فأقاتلهم فإني على الحق وهم على الباطل فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراق ملء5 محجم من دم بغير حق"6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015