والجواب: أن يقابل أحد هذين المذهبين بالآخر ويسقطان ويبقى لنا المذهب بينهما وهو مذهب أهل الحديث.
ثم يقال للقدرية: تسويتكم بين الشرك وبين المعاصي بهذا مخالف لنص القرآن وهو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 1، فنفى أنه يغفر2الشرك ويغفر ما دونه لمن يشاء وتعليق مغفرته لما دون الشرك لمن يشاء يبطل قول المرجئة أيضا. فإذا وقف المذهبان موقفا واحدا في البطلان ثبت ما قلناه.
فإن قالت القدرية: فيجب حمل آي الوعيد في المغفرة لأهل الصغائر دون أهل الكبائر بدليل آي الوعيد.
قلنا: آي الوعيد بالمغفرة عامة للسيئات كلها والشرك يخرج بدليل الآي التي ذكرنها والإجماع، وبقي العموم متناولا لما دون الشرك من السيئات وعلى أن عند القدرية لا يجوز أن يعذب الله العباد على الصغائر وإن عذبهم عليها ظلمهم3، فإن كانت غير متوعد عليها4لم يخص بها العموم في الذنوب وعلى أنه يلزم القدرية إذ قالوا: بتخليد أصحاب الكبائر القول بمذهب الخوارج وهو تكفير أصحاب الذنوب وتخليدهم في النار، وهذا رد لما به القرآن والسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج من في قلبه مثقال ذرة من إيمان من النار5.