الآية التي أوردها القدرية وما أشبهها من آي الوعيد على من لا إيمان معه، فأما من مات مؤمنا فلا يحكم بتخليده في النار بفعل كبيرة غير مستحل لها، بل إذا لم يغفرها لم يظلمه من حسناته لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} 1.وقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاّ مِثْلَهَا} 2 وجاء في التفسير أن الحسنة هو قول لا إله إلا الله، والسيئة هو الشرك3 ومثلها قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ4 وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 5 وقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} 6.وقوله تعالى: {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} 7وقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات} 8.
فإن قالوا: من فعل الكبيرة لا يسمى مؤمنا9.
قلنا: بل يسمى مؤمنا لأنه مصدق بالله وبرسوله وباليوم الآخر، وكيف يخلد في النار من عبد الله مائة سنة في معصية واحدة غير مستحل لها، مع أن ظواهر الأي ألا يدخل النار إلا الكفار، قال الله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} 10 وقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} إلى قوله