98- فصل

وقد لبست القدرية على من لا يعرف الأصول واستدلوا على خلق القرآن بقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} 1 فقالوا: نقول إن القرآن محدث يفنى ويذهب كما تفنى سائر المحدثات، ولا نقول إنه مخلوق لأن الخلق يقع على الكذب قال الله تعالى: {إِنْ هَذَا إِلاّ اخْتِلاقٌ} 2 أي إلا كذب، وقال سبحانه: {إِنْ هَذَا إِلاّ خُلُقُ الأوَّلِينَ} 3 أي إلا كذب الأولين4.

وهذا منهم تمويه على من لا خبرة له بمذهبهم ومعنى الحدث معنى الخلق عند المتكلمين، وقد ذكرت قبل هذا أن تحقيق مذهبهم وقولهم فيما سمع منهم5 من القرآن أنه خلق لهم كسائر كلامهم6.

وأما استدلالهم بالآية قلنا عن ذلك أجوبة:

أحدها: أن نقول: إنه لا يرد بالذكر هاهنا القرآن، لأن كل ذكر في القرآن أراد به القرآن فإنه معروف بالألف واللام أو ممدوح أو موصوف بأنه منزل ليفرق بينه وبين غيره بالذكر، فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 7 وقال: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} 8.

وقال: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} 9، وقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015