85- فصل
يقال للقدرية: وأي صلاح لابن آدم في خلقه وبلوغه التكليف وتعريضه لمخالفة الأمر فيستحسن العذاب الدائم.
وقد روي عن جماعة من الصحابة أنهم تمنوا بأنهم لم يكونوا شيئاً، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: "يا ليتني كنت حيضة في بطن أمي"1.
وقال بعضهم: "يا ليتني كنت كبشاً سميناً فذبحني أهلي وأكلوني"2.
وروي عن موسى عليه السلام أنه قال: "يا رب ما كان خيراً لابن آدم؟ فقال: لو لم أخلقه. قال: فبعد إذ خلقته ما كان خيراً؟ فقال: أن يموت صغيراً، قال: فبعد أن لم يمت صغيراً ما كان خيراً له؟ قال: أن يموت شيخاً كبيراً"3.
فأجاب المخالف القدري عن هذا بجوابين أحدهما أن قال: قد علمنا حكمة الله بأفعاله ولولا ما ظهر من أفعاله ما علينا حكمتهن فصح لحكمته وعدله أنه4لم يخلقهم إلا لمصلحة ولا يضرنا ألا نعرف5 وجه المصلحة، كما نقول في طبيب6 حاذق في الطب أصابت ولده علة فدعاه إلى شرب دواء مر المذاق علم الولد نفعه وصلاحه لتلك العلة وإن لم يعلمه7 الولد.