84- فصل
ومن الأدلة المذكورة لنا أن الله سبحانه يفعل ما يشاء في العبد وإن لم يكن للعبد فيه مصلحة1 قوله تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً} 2.
فأخبر سبحانه أنه إنما أملى3 لهم ليزدادوا إثماً، ولم يمل لهم لما فيه خير وصلاح.
فأجاب المخالف القدري، وقال: لا حجة لهذا المستدل بهذه الآية، بل الحجة منها، لأنها وردت مورد الذم للكفار والوعيد، بدليل قوله في آخر الآية: {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} 4 لا يذمهم ولا يعذبهم إلا على فعلهم، وحذرهم الاغترار بالإملاء. ولم يكن الإملاء لخير استحقوه عند الله، وإنما أملى لهم ليرجعوا أو يتوبوا في مدة الإملاء5، فأما قوله: {لِيَزْدَادُوا إِثْماً} فإن هذه اللام للعاقبة.
والجواب: أنا لا ننكر أنها وردت مورد الذم والوعيد، ولكن لا يدل أنهم خلقوا وأفعالهم في الإثم، بل أفعالهم خلق لله وكسب لهم6 على ما مضى، وأما قوله: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً} فلا ننكر أنه أمرهم بالتوبة، ولكن