ودليلنا على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُم} 1،وقوله تعالى: {وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِه} 2، فأمر الله الخلق أن يسألوه بأن لا يحملهم ما لا طاقة لهم به، يدل3 على أن له أن يحملهم ما لا طاقة لهم به.
فأجاب المخالف القدري عن الآية الأولى وقال: لا حجة لهذا المستدل فيها، لأنه أخبر أنه ما أعنت أحداً، لأن من كان قاعداً في المسجد لا يجوز أن يقول4 لو شئت الآن لقعدت في المسجد، وعند المستدل أن الله قد خلق الكفر في أكثر الخلق وهو يسوقهم إلى النار وهو من أعظم العنت.
والجواب أن يقال لهذا المجيب: هرفت قبل أن عرفت5 فقلت: أخبر الله أنه ما أعنت أحداً، وهكذا قلنا إنه ما أعنت العباد فيما شرع من الشرائع، وإنما أخبر أنه لو شاء لأعنت جميعهم، أي لو شاء لكلفهم ما يشق عليهم أداؤه لأن العنت المشقة يقال: عنت الفرس، يعنت عنتاً إذا حدث في قوائمه داء لأن العنت المشقة يقال: عنت الفرس يعنت عنتاً إذا حدث في قوائمه داء لا يمكنه الجري معه، وأكمة عنوت شاقة المصعد، وفلان يعنت فلاناً إذا شدد عليه وألزمه المشقة6.
وأما قول المخالف: إذا7 قلنا إن الله قد خلق الكفر في الكافرين فقد أعنتهم.