والجواب عنه من وجوه:
لأحدها: أن النقاش1 قال: ليس بتهديد ولا أمر وإنما هو ذكر ما يفعله الشيطان مما لا يضر في الملك كقول القائل لمن قدر عليه: كدني بما قدرت.
والوجه الثاني: مما يدل على أنه ليس بتهديد أن التهديد الذي هو بصيغة الأمر هو ما يتبعه الوعيد من الله تعالى كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} 2، وقوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً} 3 الآية.
والثالث: أنه قال بعدها {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} 4 وهذا صيغته صيغة الخبر، والمراد به منع إبليس من عبادة الصالحين عن أن يستفزهم بصوته، أو يجلب عليهم بخيله ورجله ويشاركهم في الأموال والأولاد، فدل على أنه لم ينفعه من ذلك5 غير عباده الصالحين، بل أرسله عليهم ولم يعصمهم منه فيكون كقوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} .