وأما قول المخالف: بأن الله لم يزين للكافرين أعمالهم، وإنما زينها لهم الشيطان، فقد بينا أن الله زين لهم أعمالهم بقوله تعالى: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} 1، ونسب2 ذلك إلى الشيطان بأنه3 زينه لهم بوسوسة الشيطان، والشيطان ووسوسته خلق الله بدليل أن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ به4 من الشيطان ومن وسوسته بقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} 5 وقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} 6 ولولا أنهما خلق الله لما استعيذ به منهما.

وأما قول المخالف: بأن التحبيب هو الترغيب بما وعد في الجنة من النعيم، وقد اطلع الكفار على ذلك ولهذا اسلم خلق منهم.

فالجواب: أنا لا ننكر أنه قد ساوى بينهم في الدعاء إلى طاعته وفي الترغيب والترهيب، وإنما المختلف فيه هو الخصيصة في قلوب المؤمنين الذين قال الله فيهم: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} 7 وقوله تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} 8، فدل على أنه قد خص برحمته وفضله من يشاء من عباده ولم يعمهم بذلك كما عمهم بالخلق والدعاء إلى طاعته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015