68- فصل
ومن الأدلة المذكورة في الرسالة لنا قوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الآيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} 1.
(فامتن الله على المؤمنين بأنه حبب إليهم الإيمان وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان) 2، فلو كان فعل ذلك للكافر لم يكن لامتنانه بذلك على المؤمنين معنى.
فأجاب المخالف عن ذلك وقال: لا حجة لهذا المستدل بذلك لأن عامة ما في ذلك أنه ذكر المؤمنين ولم يذكر الكفار، فإغفال ذكرهم لا يدل على أن حكمهم مخالف لحكم المؤمنين إلا عند من لا بصيرة له ممن تمسك بدليل الخطاب وهو باطل عندنا3. وقوله: لو فعل ذلك للكافر لم يكن لامتنانه على المؤمنين معنى، بل فيه فائدة من وجهين:
أحدهما: أن المؤمنين أعظم انتفاعاً به من الكافر. والثاني: أنه4 خصهم بالذكر تعظيماً لمرهم، وإن كان الكفار قد شاركوهم في ذلك، لأن الله تعالى إنما زين الإيمان في قلوب المؤمنين بما علق به من الأحكام الشريفة5 والأسماء الحسنة والمدائح العظيمة في الدنيا، وبما وعد6 عليه من الثواب الجزيل، وقد اطلع الفار على ذلك ورغب الجميع غاية الترغيب وحسنه عند الجميع، ولذلك أسلم