أي أرشدنا الطريق وعرِّفناه وثبتنا عليه، وقيل معناه وفقنا وسددنا1 فدل على أن الهداية من الله، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينقل التراب يوم أمر2 بحفر الخندق وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا3
وهذا موافق لقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} 4 {يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} 5.
وأما تأويل المخالف لقول الله: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ} الآية بأنه أراد من يعاقبه من العصاة يقدم له حرج الصدر6، فقد بينّا أن الإضلال لا يستعمل في موضع العقوبة7 وإن سلّمنا له ذلك تسليم جدل لا تسلم نظر قلنا: فهل أراد عقوبته بإحراج صدره قبل وجود الكفر منه أو بعد وجود الكفر منه؟
فإن قال: أراد ذلك قبل وجود الكفر منه، قلنا: فقد وافقت أن الله أراد العقاب والكفر الذي نهى عنه قبل وقوعه8، وإن قال: أراد ذلك بعد