والهداية إلى الإيمان به1 لم يحكم أحد ممن له أدنى فطنة في الفقه بطلاق امرأة2 من حلف، بل الذي لا شك فيه ولا مرية عند من له فهم ودراية في الفقه أن رجلاً لو قال: امرأته طالق ثلاثاً لقد ضل الله من يقول إن الله لم يساو بين الخلق في الهداية والإيمان على من قال إنه ساوى بينهم بذلك لم يحكم عليه بطلاق امرأته، لأن على ذلك أدلة قطعية من الكتاب والعقل.

ولو حلف بطلاق امرأته ثلاثاً أن القدرية هم الذين يقولون: إنهم يخلقون أفعالهم دون من يقول إن الله خلق أفعالهم لم يحكم بطلاق امرأته على قول جميع الأئمة الذين جعل الله جميع أهل الأرض تابعين لهم وجمع هممهم على ذلك وهم الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد وأهل الظاهر ولم يخرج عن هؤلاء إلا من لا يعد قوله خلافاً.

استدل المخالف بقوله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} 3.

والجواب: أن نقول لا شك أن الله سبحانه قدر أفعال الشر على يد إبليس وخلقه سبباً للشر، وقال صلى الله عليه وسلم: "لو أراد الله أن لا يعصى لما خلق إبليس"4، وروي في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " قال الله عزوجل: أنا الله لا إله إلا أنا خلقت الخير والشر وقدرته على يدي من يكون فطوبى لمن خلقت الخير على يديه وويل لمن خلقت الشر على يديه"5.

ومن أشنع ما شهد به هذا المخالف على نفسه قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015