63- فصل
يقال للقدري: إذا قلتم عن الله سبحانه لم يخص أحداً بالهداية إلى الإيمان والمعرفة، فهل ساوى بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أبي جهل وأبي لهب بهذه المنزلة؟ أو هل سوى بين موسى عليه السلام وفرعون بهذه المنزلة؟! فمن أصلهم الفاسد أن1 يقولوا: نعم سوى الله بينهم فيقال لهم قال الله: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} 2 قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا بورك لي في يوم لا أزداد فيه علما"3، وقال الله تعالى: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} 4، وهل درجة أفضل من المعرفة بالله، وهل فاضل الله بين الأنبياء بشيء أفضل من المفاضلة بينهم بالمعرفة به سبحانه، وعلى قدر درجاتهم بالمعرفة بالله في الدنيا تكون درجاتهم في الآخرة5 بالجنة، فكيف يتصور عاقل أن الله سوى بين أنبيائه وبين أعدائه في الهداية واللطف والتوفيق لمعرفته، ولو حلف حالف بطلاق نسائه ثلاثا ما سوى الله بين أنبيائه وبين أعدائه في اللطف