والجواب أن يقال: إنكارك الإجماع بذلك جحد بالضرورة، فإن هذه الكلمة جارية على ألسنة الخاصة والعامة، وينقل ذلك كل خلف عن سلفهم كنقلهم بعث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وهجرته إلى المدينة وموته هنالك، ويعلم وقوع ذلك كل مسلم وكافر وموافق ومخالف، وإنكار القدرية للنقل والإجماع على مقتضى هذه الكلمة لا يؤثر في صحة العلم بها كما لا يؤثر خلاف السوفسطائية1 للعلوم الضرورية بادعاء النبي صلى الله عليه وسلم للنبوة بمكة وتكذيب قومه له وهجرته إلى المدينة وموته بها.
وأما قول المخالف: لو صح الإجماع على هذه اللفظة يكون المراد2 بها ما شاء الله من فعله كان وما لم يشأ من فعل نفسه لم يكن دون ما شاء من فعل غيره وما لم يشأ منه، غير صحيح، بل الدليل الذي دل على تمام إرادته من فعل نفسه هو الدليل الذي دل على تمام إرادته من فعل غيره وهو عدم وصفه بالنقص، ولأنه3 موصوف سبحانه بالاقتدار على غيره ولا يوصف بالاقتدار على نفسه4، ومن كمال صفته بالاقتدار على غيره تمام إرادته من غيره وإلا كان موصوفاً بإرادة ما لم يتم من فعل غيره بالتمني، كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم إرادته لإسلام أبي طالب وغيره ممن كان يحب إسلامه