فقالوا1: لو كانا اثنين لم يخل إما أن يتم ما يريدان، أو لا يتم ما يريدان أو يتم ما يريد أحدهما، فإن تم ما يريدان أدى إلى اجتماع الشيء وضده إذا أراد أحدهما إحياء شيء وأراد الآخر موته، أو أراد أحدهما وجود شيء وأراد الآخر عدمه، وإن لم يتم ما يريدان أدى إلى تناهي قدرتهما وعجزهما، والعاجز لا يكون إلهاً، وإن تم ما يرد أحدهما دون الآخر كان من تمت إرادته هو المستحق للإلهية، فثبت القول بأن الإله واحد لا شريك له2.
فالقدرية لا يتم ما يريد إلههم، لأنه لو أراد الإيمان من الكافر والطاعة من العاصي، وأراد إبليس من الكافر الكفر ومن العاصي المعصية، فلم يتم ما أراد الله وتم ما أراد إبليس، فعلى مقتضى قولهم أن المستحق للإلهية هو إبليس دون الله ويتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وإنما شبه النبي صلى الله عليه وسلم القدرية بالمجوس3، لأن المجوس قالوا: النور يريد الخير ولا يريد الشر4.