وتنكب طريق الهداية حتى لا يستطيع أحد منهم أن يتوصل إلى النور الإلهي والهدي الرباني بما عندهم من كتاب، لتحريف الكتب الإلهية وانقراض أهل الحق فيهم، وإجماعهم على الضلالة والغواية.

فلولا هذا اللطف منه جل وعلا لضللنا جميعا كما ضلوا، وقد كان ضُلاَّل أهل الكتاب ومجرموهم أول من أدخل هذا الشر على المسلمين، فبدعة التشيع أول من دعى إليها عبد الله بن سبأ اليهودي،1 وبدعة القدر تعزى إلى رجل نصراني في البصرة يقال له سوسن 2، وبدعة نفي الصفات أخذت عن بيان بن سمعان عن طالوت ابن أخت لبيد بن أعصم وزوج ابنته وأخذها لبيد بن أعصم الساحر عن يهودي من اليمن 3، ثم إن هذه البدع والانحرافات بدأت تجد من مرضى القلوب والاعتقاد أذناً صاغية، حتى وجدت أتباعاً وأنصارا كمنوا على بدعتهم وقت ظهور السنة وسيادتها على المجتمع الإسلامي في زمن أواخر الصحابة وأوائل عهد بني أمية إلى أواسط العهد العباسي الأول حيث ترجمت كتب اليونان وتلقفها هؤلاء المرضى فدعموا شبههم بالكلام والجدل، حتى فتنوا كثيرا من المسلمين عن الحق بتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يأت عليها منه برهان، وإنما هي شبه لَبَّسَتْ على مرضى القلوب وضعاف الإيمان.

وكان عسكر الإيمان وجند الرحمن ينافحون عن الحق وله يناصرون، يسرون بذلك ويعلنون لتستبين السبيل وتتضح المحجة لمن أراد الله سلامته وهدايته، فأقاموا الدروس والحلقات، ونادوا على المنابر بالآيات البينات فبينوا ووضحوا طريقة الرسول وشريعة الإسلام، وكتبوا وألفوا وردوا على أهل الباطل في كل ميدان، فأقاموا الحجة على الناس ليحيا من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، وكان لهم على كل بدعة جولة بالحق يدمغون بها الباطل فإذا هو زاهق، وكان رابع الخلفاء الراشدين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015