{إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} لهم الإيمان فدل على أن الله لم يشأ لهم الإيمان.

فأجاب هذا القدري المخالف وقال: المراد بالمشيئة هاهنا مشيئة الإجبار والقهر ولم يرد مشيئة الاختيار1؛ لأنه لو أراد ذلك لما كان عليهم لوم ولا توبيخ.

والجواب: ما قدمناه أن لله تعالى مشيئة2، والاختيار والإجبار يرجعان إلى صفة العبد لا إلى مشيئة الله، وخبر الله لا يقع بخلاف مخبره، وإذا ثبت أنه أراد من الكافر الذي لم يؤمن الإيمان ومن العاصي الطاعة مشيئة الاختيار وقع خبر الله بخلاف مخبره؛ لأنه يقع عليها اسم المشيئة3 وكان ذلك مخالفا لقول جميع أهل التوحيد (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) وأيضاً فلو كان عند رجل لآخر4 دين حال وهو موسر به فطالب من له الدين بدينه اليوم فقال من عليه الدين: امرأته طالق ثلاثا أو حلف بالله ليقضيه حقه هذا اليوم إن شاء الله، فمضى اليوم ولم يقضه، فإن جميع الفقهاء قالوا: لا يحنث بيمينه في الطلاق ولا بالله تعالى، وقضاء الدين الحال واجب، وعلى مذهب القدرية أن الله تعالى لا يوصف بأنه لا يشاء قضاءه لأن تأخير القضاء5 معصية6، ولو كان الأمر كما ذكروه لحكم عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015