45- فصل

ومن الأدلة المذكورة لنا في الرسالة1 قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} 2، ومثله قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} 3 ومثله قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} 4، ومثله قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ5 مَا فَعَلُوهُ} 6، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} 7.

وعند القدرية: إن الله شاء إيمان جميع من في الأرض، وآتى كل نفس هداها وشاء هداهم ولم يشأ شركهم ولا8 اقتتالهم، وهذا تكذيب لما أخبر الله عنه بكتابه.

فأجاب القدري عن ذلك كله وقال: المشيئة تنقسم إلى معنيين: مشيئة تمكين واختيار ومشيئة قهر وإجبار، فالله قد شاء الطاعات والإيمان من المكلفين باختيارهم9 وعلى ذلك تحمل الآيات المقتضية أنه أراد منهم الصلاح، وأما مشيئة القهر والإجبار، وهو أن يخلق فيهم الطاعة جبراً ويشاء ذلك منهم جبراً، فلم يشأ ذلك منهم، ولو شاء ذلك منهم لوقع لا محالة، ولكن تبطل فائدة التكليف وعليه نحمل قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} وما أشبهها من الآيات10.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015