مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ} 1.
فلا يجوز أن يحمل الإضلال هاهنا على الإهلاك والعقوبة في الآخرة، بل قد أخبر أنه أراد به الإضلال في الدنيا بالمثل لكثير من اليهود2؛ لأن الله ضرب الأمثال3 والأشباه للخلق وجعلها للقلوب كالمرايا للوجوه، وأمرهم أن يستدلوا بها على ما غاب من أبصارهم، وذلك عام لجميعهم لتثبت الحجة له عليهم وجعل الهداية منه بها خاصة4 للمؤمنين فقال: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً} فنسب الإضلال والهداية إليه، وقال في آية أخرى: {وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ} 5 فنسب في هذه الآية عقل الأمثال إليهم لكونهم مكتسبين عقلها، ولما حرم الكفار الاهتداء والعقل في الأمثال المضروبة وخلق فيهم ضده سماه6 إضلالاً، ولا يجوز حمل الإضلال هاهنا على إبطاله لأعمالهم لأنه يحتاج إلى إضمار الأعمال، ولا يجوز صرف الكلام عن ظاهره بغير دليل ولا ضرورة، وكذلك الإضلال المذكور في الأعراف بقوله تعالى7: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} 8، فلا يجوز حمل الإضلال هاهنا على إبطال العمل ولا على العقوبة في الآخرة لأنه قال في آخر الآية: