والثالث: الثواب في الجنة1 بدليل قوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} 2.

فأخبر أنه يهديهم بعد القتل، والهداية بعد القتل لا تكون إلا ثواباً، والهدى الذي هو الثواب والزيادة لا تكون إلا للمؤمنين، والهدى الذي هو الإرشاد عام لجميع المكلفين، وهو المراد بقوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} 3، فأخبر أنه هدى الكفار وأنهم استحبوا العمى على الهدى، هذا نكتة قوله وعمدته.

والجواب: أنا لا ننكر توارد المعاني المختلفة واشتراكها في اللفظة الواحدة في لغة العرب.

والضلال في لغة العرب: سلوك عن القصد يقال: ضل عن الطريق وأضل الشيء إذا أضاعه4.

وأما إطلاق الضلال في الشرع فأصله من قولهم5: ضل عن أمر الله إذا ضيعه ومنه قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} 6. ومنه قوله: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ} 7.

والإضلال في القرآن على وجوه كثيرة لأدلة دلت عليه، فورد والمراد8 به الإغواء في قوله تعالى اخباراً عن إبليس: {لأضِلَّنَّهُمْ} 9 يعني لأغوينهم عن الهدى فيكروا10، وكذلك في قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015