أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} 1 أي وجب القول بالسخط على أكثرهم فهم لا يؤمنون في علم الله.
وأما قول المخالف: فلا يجوز أن يحمل الآية على الإضلال لأن ذلك قبيح والله تعالى لا يأتي بالقبيح.
فيقال: هذا أصل مذهب القدرية الفاسد الذي بنوا عليه قولهم، وهو أنه لا يجوز من الله إلا ما يجوز2 من المخلوقين من الأفعال فما كان قبيحاً من أفعالنا كان كذلك من أفعاله، وهذا خطأ لأن القبيح إنما كان قبيحاً منا بمخالفتنا للأمر والنهي، فالشرع هو الذي قبح القبيح وحسن الحسن3، وليس فوق الله سبحانه من يأمره وينهاه فيكون فعله بمخالفة ما أمر به قبيحاً يتعالى الله عن ذلك. والقدرية يسمون القبيح قبيحاً لقبحه في الفعل والحسن حسناً لحسنه في العقل، وهذا خطأ لأنه لو كان كذلك4 لم يوجد شيء من جنسه إلا وكان قبيحاً5 وقد وجدنا الزنا قبل ورود الشرع لا يسمى قبيحاً إلا بعد ورود الشرع بتحريمه وتقبيحه، وكذلك تزويج الأمهات والأخوات وذاوت المحارم غير قبيح في العقل وإلا فما الفرق بين العمة وابنتها والخالة وابنتها في العقل، لولا الشرع قبح القبيح وحسن الحسن منه، ويوجد الزنا من المجنون ولا يعد قبيحاً منه، ويقبح شكر المنعم إذا نهاه عنه لمعنى6 قصده ويحسن كفره إذا أمر به لمعنى قصده، فهذا يبطل7 كل ما