والفتنة بقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَه} 1، فقيل: كفره، وقيل: اختياره، وقيل: عذابه2. فإن كان المراد بها عذابه أو كفره فالحجة لنا ثابتة لأن إرادة الله في الخلق قديمة قبل أن يخلق الله الخلق، وقد كتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} 3. ويروى في الصحاح أن ابن مسعود قال: حدثنا النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو صادق المصدوق "إن أحدكم يجمع خلقه نطفة في بطن أمه أربعين4 يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله الملك فينفخ فيه الروح ثم يؤمر بأربع بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي5 أو سعيد، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع6 ثم يسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون لينه وبينها إلا ذراع7 ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها"8.
فإذا تقرر هذا وحملنا هذه الآية على ما قال المخالف: على العقاب