يقع الوهم في حديثهم كثيرا، لكن ليس هو الغالب عليهم. وهذا القسم الذي ذكره الترمذي ههنا، وذكر عن يحيى بن سعيد القطان أنه ترك هذه الطبقة، وعن ابن المبارك وابن مهدي ووكيع وغيرهم أنهم حدثوا عنهم، وهو أيضًا رأي سفيان وأكثر أهل الحديث المصنفين منهم في السنن والصحاح: كمسلم بن الحجاج وغيره، فإنه ذكر في مقدمة كتابه أنه لا يخرج حديث من هو متهم عند أهل الحديث أو عند أكثرهم، ولا من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط، وذكر قبل ذلك أنه يخرج حديث أهل الحفظ والإتقان، وأنهم على ضربين: أحدهما: من لم يوجد. في حديثه اختلاف شديد، ولا تخليط فاحش. والثاني: من هو دونهم في الحفظ والإتقان، ويشملهم اسم الصدق والستر وتعاطي العلم: كعطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وليث ابن أبي سليم. فقيل: إنه أدركته المنية قبل تخريج هؤلاء، وقيل: إنه أخرج لهم في المتابعات، وذلك كان مراده. وعلى هذا المنوال نسج أبو داود والنسائي الترمذي، مع أنه خرَّج لبعض من هو دون هؤلاء، وبين ذلك ولم يسكت عنه (?).

وقال الذهبي في (السير) عند الحديث عن هشام بن عروة: الرجل ثقة مطلقا, ولا عبرة بما قاله الحافظ أبو الحسن بن القطان من أنه وسهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيرا، فإن الحافظ قد يتغير حفظه إذا كبر وتنقص حدة ذهنه، فليس هو في شيخوخته كهو في شبيبته. وما ثم أحد بمعصوم من السهو والنسيان، وما هذا التغير بضار أصلًا، وإنما الذي يضر الاختلاط، وهشام لم يختلط قط، هذا أمر مقطوع به، وحديثه محتج به في الموطأ والصحاح والسنن, فقول ابن القطان: إنه اختلط، قول مردود مرذول، فأرني إماما من الكبار سلم من الخطأ والوهم: فهذا شعبة وهو في الذروة له أوهام، وكذلك معمر والأوزاعي ومالك رحمة الله عليهم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015