- وفحش أو اختلط، فالوهم والنسيان والإسقاط والخطأ غير المتعمد، كل ذلك يجري على البشر جميعًا عالمهم وجاهلهم، حافظهم وغير الحافظ منهم، فلا تطرح رواية الراوي إلا ما كثر منه ذلك ولم يتميز حديثه، فعندها يترك. قال الإمام مسلم في (التمييز): حدثني محمَّد بن المثنى قال: قال لي عبد الرحمن بن مهدي: يا أبا موسى أهل الكوفة يحدثون عن كل أحد، قلت: يا أبا سعيد هم يقولون: إنك تحدث عن كل أحد! قال: عمن أحدث؟ فذكرت له محمَّد بن راشد المكحولي، فقال لي: احفظ عني: الناس ثلاثة: رجل حافظ متقن، فهذا لا يختلف فيه؛ وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة، فهو لا يترك، ولو ترك حديث مثل هذا لذهب حديث الناس؛ وآخر الغالب على حديثه الوهم، فهذا يترك حديثه (?). وقال الثوري: ليس يكاد يفلت من الغلط أحد، إذا كان الغالب على الرجل الحفظ فهو حافظ وإن غلط، وان كان الغالب عليه الغلط ترك (?). قال الترمذي في العلل: وإنما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان والتثبت عند السماع، مع أنه لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم. ا. هـ.
قال مسلم: وقد ذكرنا من مذاهب أهل العلم وأقاويلهم في درجات الحفاظ من وعاة العلم ونقال الأخبار والسنن والآثار, ما يستدل به ذو اللب على تفاوت أحوالهم ومنازلهم في الحفظ وأسبابه، فيعلم أن منهم: المتوقي المتقن لما حصل من علم وما أدى منه إلى غيره، وأن منهم من هو دونه في رداءة الحفظ والتساهل فيه، وأن منهم المتوهم المتقن.
وقد اشترط النبي - صلى الله عليه وسلم - على سامع حديثه ومبلغه حين دعا له أن يعيه ويحفظه، ثم يؤديه كما سمعه، فالمؤدي لذلك بالتوهم غير المتيقن مؤد على خلاف