أبي بن كعب فقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - سورة براءة، فقلت لأبي: متى نزلت هذه السورة؟ قال: فتجهمني ولم يكلمني .... وذكر الحديث. ثم قال: هكذا وجدته في كتابي وطلبته في المسانيد فلم أجده بطوله، والحديث بإسناده صحيح. ا. هـ.
وهذا يدل على أنه إنما كان من كتاب؛ والحاكم - رحمه الله - كان يملي من الكتاب لا مشافهة؛ فالذي يظهر أنه كان كتب من حفظه مسوَّدة الكتاب ثم أملاه منها، فكان إذا أراد الاستيثاق رجع إلى المصادر؛ فغالب ما نقل عنه من الكتاب كان إملاء، ثم باقي الكتاب كان بالإجازة كما قال ابن حجر رحمه الله.
وقال: 2/ 521 بعد أن روى حديث عائشة في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوتر من طريق سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب، ومن طريق خصيف عن عبد العزيز بن جريج: قد أتى إمام أهل مصر في الحديث والرواية سعيد بن كثير بن عفير عن يحيى بن أيوب. طلبتها وقت إملائي كتاب الوتر فلم أجدها، فوجدتها بعد. ا. هـ.
وهذا يدل أيضًا على أنه كان يرجع إلى كتبه.
فالذي يظهر مما سبق أن الحاكم أبا عبد الله - رحمه الله - ابتدأ في إملاء الكتاب قبل موته باثنتين وثلاثين سنة، وانتهى من الكتاب بعد سنة ثلاث وأربعمائة، كما يظهر من آخر تأريخ في أواخر الثلث الأول من الجزء الثالث، فقد انتهى يقينا منه في أواخر عمره، فقد توفي رحمه الله سنة خمس وأربعمائة. كما يظهر أيضًا أنه كان يطلب بعض الطرق التي يريد الاستيثاق منها, ولم يكن يرجع إلى المصادر في كل ما يملي؛ ثم وافته المنية قبل أن ينقح الكتاب، مع ما أصابه من التغير والغفلة، فوقع الوهم؛ والعلم عند الله تعالى.
اشتغل على خدمة المستدرك بعض الحفاظ لإتمام الفائدة منه، فعمل الحافظ الذهبي التلخيص: لخص فيه كلام الحاكم، وله عليه استدراكات، وله فيه أوهام