ب «الخارجي» لأنه حارب الخليفة ولم يستطع كتمان حزنه وغضبه حين خلع الراشد باللَّه فقال: «وجمع السلطان مسعود القضاة والفقهاء وألزمهم أن يشهدوا على الراشد باللَّه بشرب النبيذ ولا والله ما كان واحد منهم قد رآه يشرب الماء فشهدوا خوفا من الصفع وخلعوه بالفسق» وصب غضبه على دبيس بن صدقة حين حارب الخليفة. ومع ذلك فهو لم يتورع من إيراد ما قيل في الخلفاء من هجاء ومنقصة ولم يتعرض للسلاطين البويهيين والسلاجقة حين خلعوا الخلفاء وسملوهم.
ويمكن أيضا أن نستشف جانبا آخر من شخصية مؤرخنا وهو أنه كان فقيها يميل إلى أصحاب الفقه من أهل السنة ويطنب في مديح رجالهم كالإمام أحمد بن حنبل والغزالي وأبى إسحاق الشيرازي والتنوخي القاضي وغيرهم، وأنه لم يكن معتزليا أو حنفيا فقد أورد شيئا من محنة الإمام أحمد بن حنبل في خلق القرآن مع المعتصم فقال:
«وإنما حث المعتصم على ذلك وحمله على ما فعل أحمد بن أبى دؤاد لأنه كان معتزليا وكان الإمام أحمد- رضوان الله عليه- إمام السنة» فلو كان معتزليا لأعرض عن هذا واستغفر لذنبه إلا أنه لم يستطع كتمان شماتته بابن أبى دؤاد حين فلج ومات ولهذا نستطيع أن نطمئن إلى نعت ابن الكازروني له ب «الشيخ الفقيه» . (مختصر التاريخ 244) .
إن موقفه المناصر للإمام أحمد ابن حنبل يوحى أن مؤرخنا كان حنبليا أو متحنبلا لأنه مدح الإمام أحمد أكثر من مديحه للإمام أبى حنيفة فعله أظهر هذا الميل إرضاء للوزير عون الدين بن هبيرة الحنبلي وزير المقتفى والمستنجد بل لعله كان متصلا به حين كان مستقرا ببغداد قبل رحيله عن العراق لأن الكتاب على ما يظهر قد كتب في الفترة المحصورة بين سنة 555 هـ وهي سنة تولية المستنجد وسنة 560 هـ السنة التي توفى فيها الوزير ابن هبيرة. فإن قول ابن العمراني في مقدمة كتابه «إلى أن أختم الكتاب بالأيام المستنجدية» يدل أنه كتبه إذ ذاك والخليفة المستنجد لم يزل بعد حيا لأنه توفى سنة 566 هـ. فربما ترك العراق إلى بلد لا نعرفه في أول خلافة