كَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ حِينَ تَأَوَّلَ الْآيَةَ فِي الْوَصِيَّةِ
1977 - وَسُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ أَوْصَتْ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَتُجْعَلُ فِي الْحَجِّ؟ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ مِنْ سُبُلِ اللَّهِ» سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ وَمُعَاذًا يُحَدِّثَانِهِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَيْسَ النَّاسُ عَلَى هَذَا، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَفْتَى بِهِ أَنْ تُصْرَفَ الزَّكَاةُ إِلَى الْحَجِّ.
1978 - وَإِنَّمَا افْتَرَقَ هُوَ وَالْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسَمًّى فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ -[725]- إِلَّا بِالتَّأَوُّلِ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَهُوَ مُسَمًّى، وَهُوَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] .
1979 - فَمَنْ كَرِهَهُ تَأَوَّلَ أَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي مَعُونَةِ الْمُكَاتَبِينَ، وَمَنْ رَخَّصَ فِيهِ جَعَلَ الْآيَةَ جَامِعَةً الْعِتْقَ وَالْمَعُونَةَ جَمِيعًا.
1980 - فَأَمَّا قَضَاءُ الدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ، وَالْعَطِيَّةُ فِي كَفَنِهِ، وَبُنْيَانُ الْمَسَاجِدِ، وَاحْتِفَارُ الْأَنْهَارِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ، فَإِنَّ سُفْيَانَ وَأَهْلَ الْعِرَاقِ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ يُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئ مِنْ الزَكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ.
1981 - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا افْتَرَقَ الْحَيُّ وَالْمَيِّتُ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ غَارِمًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي أَدَانَهُ قَدْ تَحَوَّلَ عَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ الْوَارِثُ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ وَفَاءً بِدَيْنِهِ كَانَ فِي مِيرَاثِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ دُونَ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَلَيْسَ عَلَى وَارِثِهِ شَيْءٌ وَلَيْسَ بِغَارِمٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ادَّانَ هَذَا الدَّيْنَ، وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْعُلَمَاءُ أَنْ لَا يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ فِي دَيْنِ مَيِّتٍ. وَأَمَّا الْحَيُّ فَإِنَّهُ يُعْطَاهَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
1982 - أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ: {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة: 60] .
1983 - وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ حِينَ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةٍ: أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَإِمَّا أَنْ نُعِينَكَ عَلَيْهَا، وَإِمَّا أَنْ نَحْمِلَهَا عَنْكَ