بَابُ فَتْحِ الْأَرْضِ تُؤْخَذُ عَنْوَةً، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَجَدْنَا الْآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ قَدْ جَاءَتْ فِي افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ: أَرْضٌ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَهِيَ لَهُمْ مِلْكُ أَيْمَانِهِمْ، وَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهَا غَيْرُهُ، وَأَرْضٌ افْتُتِحَتْ صُلْحًا عَلَى خَرْجٍ مَعْلُومٍ، فَهُمْ عَلَى مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ، لَا يَلْزَمُهُمْ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَأَرْضٌ أُخِذَتْ عَنْوَةً، فَهِيَ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَبِيلُهَا سَبِيلُ الْغَنِيمَةِ، فَتُخَمَّسُ وَتُقَسَّمُ، فَيَكُونُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا خُطَطًا بَيْنَ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا خَاصَّةً، وَيَكُونُ الْخُمُسُ الْبَاقِي لِمَنْ سَمَّى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ حُكْمُهَا وَالنَّظَرُ فِيهَا إِلَى الْإِمَامِ: إِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَهَا غَنِيمَةً، فَيُخَمِّسَهَا وَيُقَسِّمَهَا، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ، فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَهَا فَيْئًا فَلَا يُخَمِّسَهَا وَلَا يُقَسِّمَهَا، وَلَكِنْ تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً