فإن من أهم ما يجب على المؤمن - في هذا الصدد - أن يقوي ثقته بربه، وأن ينأى بنفسه عن قلة اليقين بأن العاقبة للمتقين؛ فهناك من إذا شاهد ما عليه المسلمون من الضعف والتمزق، والتشتت، والتفرق، ورأى تسلط أعدائهم عليهم، ونكايتهم بهم - أيس من نصر الله، وقنط من عز الإسلام، واستبعد أن تقوم للمسلمين قائمة، وظن أن الباطل سيدال على الحق إدالة دائمة مستمرة يضمحل معها الحق.
فهذا الأمر جد خطير، وهو مما يعتري النفوس الضعيفة، التي قل إيمانها، وضعف يقينها.
فهذا الشعور مما ينافي الإيمان الحقَّ، وهو دليلٌ على قلة اليقين بوعد الله الصادق، والتفاتٌ إلى الأمور المحسوسة دون نظر إلى عواقب الأمور وحقائقها.
وإلا كيف يُظَنُّ هذا الظن والله - عز وجل - قد كتب النصر في الأزل، وسبقت كلمته بأن العاقبة للتقوى وللمتقين، وأن جنده هم الغالبون، وهم المنصورون، وأن الأرض يرثها عباده الصالحون؟