فيا دارها بالحزن إن مزارها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال

فمن العسير أن تتفق آراء الناس، واجتهاداتهم، ومن المتعذر أن يكونوا جميعاً على سنة واحدة في كل شيء، ومن المحال أن يُعْصَم الناس فلا يخطئوا.

ثم ليكن لنا في سلفنا الكرام قدوة؛ فهم خير الناس في حال الوفاق وحال الخلاف؛ حيث كانوا مثالاً يحتذى في الرحمة، والعدل، والإنصاف حتى في حال الفتنة والقتال.

روي أنه أُنشد في مجلس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قول الشاعر:

فتىً كان يدنيه الغنى من صديقه ... إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر

كأن الثريا علقت بجبينه ... وفي خده الشِّعرى وفي الآخر البدر

فلما سمعها علي - رضي الله عنه - قال: هذا طلحة بن عبيد الله، وكان السيف يومئذٍ ليلتئد مجرداً بينهما.

فانظر إلى عظمة الإنصاف، وروح المودة، وشرف الخصومة.

ولا ريب أن هذه المعاني تحتاج إلى مراوضة النفس كثيراً، وإلى تذكيرها بأدب الإنصاف، وإنذارها ما يترتب على العناد والتعصب من الإثم والفساد.

وإذا استقبلنا الخلاف والردود بتلك الروح السامية، والنفس المطمئنة صارت رحمةً، وإصلاحاً، وتقويماً، وارتقاءً بالعقول، وتزكية للنفوس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015