الثاني والعشرون: مراعاة المصالح والمفاسد:

وقد مر شيء من ذلك؛ فلا يكفي مجرد سرد النصوص، وتنزيلها على أحوال معينة خصوصاً عند الفتن واشتباه الأمور بل لا بد من الرؤية، والاستنارة بأهل العلم والفقه والبصيرة، ولا بد من النظر في المصالح والمفاسد قال الشيخ السعدي - رحمه الله-: قوله {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى:9] ، مفهوم الآية أنه إذا ترتب على التذكير مضرة أرجح تُرِكَ التذكير؛ خوف وقوع المنكر. (?) .

وقال ابن القيم -رحمه الله-: فإذا كان إنكار المُنْكَرِ يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه، ويمقت أهله.

وقال: " ومن تأمل ما جرى في الإسلام من الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر، فطلب إزالته، فتولَّد منه ما هو أكبر منه؛ فقد كان رسول الله يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها.

بل لما فتح الله مكة، وصارت دار إسلام عزم على تغيير البيت، وردِّه على قواعد إبراهيم، ومنعه من ذلك -مع قدرته عليه- خشيةُ وقوع ما هو أعظم منه، من عدم احتمال قريش لذلك، لقرب عهدهم بالإسلام، وكونهم حديثي عهد بكفر (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015