وبالجملة فإن الصبر من أعظم الأخلاق، وأجلّ العبادات، وإن أعظمَ الصبرِ وأحمده عاقبةً الصبرُ على امتثال أمر الله، والانتهاء عمّا نهى الله عنه؛ لأنه به تَخْلُص الطاعة، ويصِحُّ الدين، ويُسْتَحَقُ الثوابُ؛ فليس لمن قل صبرُه على الطاعةُ حظٌّ من بِرٍّ، ولا نصيبٌ من صلاح.

ومن جميل الصبر: الصبرُ فيما يُخْشَى حدوثُه من رهبة يخافها، أو يحذرُ حلولُه من نكبةٍ يخشاها، فلا يتعجلْ همَّ ما لم يأتِِ؛ فإن أكثر الهموم كاذبة، وإن الأغلب من الخوف مدفوع.

ومن جميل الصبرِ الصبرُ على ما نزل من مكروه، أو حلّ من أمر مخوف؛ فبالصبر في هذا تنفتحُ وجوهُ الآراءِ، وتُسْتَدْفَعُ مكائدُ الأعداءِ؛ فإن من قلّ صبره عَزُب رأيه، واشتد جزعُه، فصار صريعَ همومه، وفريسةَ غمومه.

وكما أن الأفرادَ بأمسِّ الحاجةِ إلى الصبر فكذلك الأمة؛ فأمة الإسلام كغيرها من الأمم؛ لا تخرج عن سنن الله الكونية، فهي عرضةٌ للكوارث، والمحن.

وهي-في الوقت نفسه-مكلفةٌ بمقتضى حكم الله الشرعي بحمل الرسالة الخالدة، ونشر الدعوة المباركة، وتحمُّلِ جميعِ ما تلاقيه في سبيلها برحابة صدر، وقوةِ ثباتٍ، ويقينٍ بأن العاقبة للتقوى وللمتقين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015