فَإِن قلت الْمَعْنى بِأَنَّهُمَا واجبان أَن حصولهما شَرط وَالشّرط لَا يشْتَرط فِيهِ أَن يكون فعلا للمكلف كدوران الْحول فِي الزَّكَاة
قلت هَذَا كَلَام حسن غير أَن ظَاهر كَلَام الْأَصْحَاب مُصَرح بِالْوُجُوب
وَلَيْسَ أَيْضا من رفع الْوَاقِع نقضي الْأَقْضِيَة حَيْثُ نقضناها لِأَنَّهَا كالنسوخ فِي الْعُقُود الْبَاطِلَة فَإنَّا إِنَّمَا ننقض مَا لم يستجمع للشرائط فِي نفس الْأَمر
وَلَيْسَ مِنْهَا النَّصْرَانِي إِذا عتق ثمَّ دخل دَار الْحَرْب وَقَاتل ثمَّ غنمناه فَإنَّا نسترقه وَلَيْسَ رفعا للحرية السَّابِقَة بل تجدّد بِسَبَب آخر اقْتضى رقّه فَهُوَ كَالطَّلَاقِ بعد الزواج والزواج بعد الطَّلَاق فِي الْمَرْأَة الْوَاحِدَة أَحْكَام تتجدد لتجدد أَسبَابهَا وَلَا يبطل مَا تقدم وَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب أَيْضا إِزَالَة الْملك عَن الأَرْض بعد زَوَال الإحكام أَو عَن المَاء إِذا أريق فِي النَّهر بعد حوزه أَو عَن الصَّيْد إِذا توحش فطال هجانه بعد أصطياده أَو عَن الْحُوت إِذا رَجَعَ للنهر فَإنَّا لم نقض بِبُطْلَان الْأَمْلَاك السَّابِقَة بل جددنا إِبَاحَة لتجدد سَببهَا فَهُوَ كعود التَّحْرِيم فِي الأجنبيه بِالطَّلَاق
وَإِنَّمَا الْبَحْث بَيْننَا وَبَين الْمُخَالف لنا فِي أَن الطاريء هَل هُوَ سَبَب يَقْتَضِي الْإِبَاحَة الْعَامَّة أم لَا فَنحْن نقُول بِهِ وَهُوَ لَا يرى ذَلِك
وبالجمله فضابط مسَائِل الرّفْع إِذا أردْت استقراءها وتحقيقها هُوَ أَن يكون سَبَب لَهُ حكم شَرْعِي فيترتب عَلَيْهِ ذَلِك الحكم ثمَّ ترَتّب عَلَيْهِ غَيره بعد أَن ترَتّب الأول إِلَّا أَنَّك ترَتّب حكما آخر على سَبَب آخر من حِين طرُو الثَّانِي وَلَا تعطفه على مَا قبله أما مَتى عطفته على مَا قبله من الْمسَائِل الَّتِي فِيهَا رفع الْوَاقِع فيندرج فِي الْبَحْث سؤالا وجوابا
ولنقتصر على هَذَا الْقدر من التَّنْبِيه ونشرع فِي الْجَواب عَن تِلْكَ الْعشْرَة مَعَ الْمسَائِل الْمَذْكُورَة فِي الْمَسْأَلَة فَنَقُول