رسوله، فقد أخبر الله تعالى أنه من أخلص قصده لله وكان محسنا في عمله فإنه مستحق للثواب سالم من العقاب.
ولهذا كان أئمة السلف يجمعون هذين الأصلين، كقول الفضيل بن عياض في قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2] (سورة الملك: من الآية 2) . قال: أخلصه وأصوبه، فقيل: يا أبا علي! ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، وإذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص: أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة.
وقد روى ابن شاهين واللالكائي عن سعيد بن جبير، قال: لا يقبل قول وعمل إلا بنية، ولا يقبل قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة، ورويا عن الحسن البصري مثله، ولفظه: " لا يصلح " مكان " لا يقبل "، وهذا فيه رد على المرجئة الذين يجعلون مجرد القول كافيا، فأخبر أنه لا بد من قول وعمل، إذ الإيمان قول وعمل، لا بد من هذين، كما قد بسطناه في غير هذا الموضع وبينا أن مجرد تصديق القلب واللسان مع البغض والاستكبار لا يكون إيمانا - باتفاق المؤمنين - حتى يقترن بالتصديق عمل.
وأصل العمل عمل القلب، وهو الحب والتعظيم المنافي للبغض والاستكبار، ثم قالوا: ولا يقبل قول وعمل إلا بنية، وهذا ظاهر، فإن القول والعمل إذا لم يكن خالصا لله تعالى لم يقبله الله تعالى، ثم