الحمد لله أحمده وأستعينه، وأؤمن به وأتوكل عليه، ونعوذ بالله من شُرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، منْ يهد الله فلا مضل له، ومن يُضْلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبدهُ ورسولُه، اصطفاه لوحْيه، واختاره لرسالته، بكتاب فصَّله وفضَّله، وأعزَّه وأكرمه، ضرب فيه الأمثال للعظة والاعتبار، وأدبه ربه فأحسن تأديبه، فكان خلقه القرآن، وأيده الله بالحكمة والبيان وجوامع الكلم، فنهل منها الصحابة والتابعون، فصلاة الله عليهم أجمعين، أما بعد:
فإن من توفيق الله وكرمه أن يسر لي تحقيق ودراسة كتاب "الأمثال والحكم" للإمام أبي الحسن الماوردي بعد أن ظل محجوبًا قرابه عشرة قرون.
ولم أضن على هذا الكتاب بالوقت الذي اختلسناه منذ عدة سنوات من أوقات راحتنا، وجعلناه متعتنا في ساعات ضيقنا، وهو جدير بذلك، لمسنا فيه عمارة القلوب، وجلاء الأبصار، وإحياء التفكير وإقامة التدبير بما تضمنه من آداب الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وأمثال الحكماء، وأقوال الشعراء، فالقلوب ترتاح إلى الفنون المختلفة، وتسأم من الفن الواحد. وقد قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فأهدوا إليها طرائف الحكمة.
وقد بذلت جهدي وطاقتي في توثيق نصوصه، وتخريج أحاديثه، وشرح ما غمض من عبارته، وإن كانت بعض نصوصه عزيز المنال بعيد المرام ولكن ما لا يدرك كله، لا يترك كله، وحسبي أن أقول: لو كنت أنشد الكمال ما فرغت