ثم ارتحل بعد وفاته إلى بغداد -مركز العلم والمعرفة في عصره- ودرس على إمامها الكبير أبي حامد الأسفراييني (?) (المتوفى 406 هـ).
وسمع الحديث من شيوخ عصره: الحسن بن علي بن محمد الجبلي، ومحمد بن عدي المنقري، ومحمد علي الأزدي، وجعفر بن محمد بن الفضل البغدادي المعروف بابن المرستاني.
كما درس الماوردي اللغة والأدب على الإمام أبي محمد البافي (المتوفى 398 هـ)، وكان من أعلم أهل زمانه بالنحو والأدب، فصيح اللسان، بليغ الكلام، حسن المحاضرة، يقول الشعر الحسن من غير كلفة، ويكتب الرسائل المطولة بلا روية، وقد تأثر به الماوردي واستفاد منه كثيرًا، ويمكن لنا أن نقول: إنه بزه (فاقه)، وكان أثره وإثراؤه للأدب العربي واضحًا وكبيرًا بما تركه من كتب في الأخلاق والتربية والمواعظ، وصفته كأديب غير منكورة من أحد، بل من لم ينصفه في الفقه من أنصار المذهب يعلل شهرته بما كان يتمتع به من لسان (?).
وكان الماوردي فقيهًا شافعيًّا مجتهدًا، ينهج نهجًا علميًا في أبحاثه إذ يعرض لوجهات النظر المتعارضة والمختلفة في المسألة الواحدة، ويرجح بينها، وينتهي لرأي يرى فيه وجه الحق والصواب، حتى انتهت إليه زعامة الشافعية في عصره.
وانفرد في تفسيره للقرآن الكريم ببعض الاتجاهات التي تدل على أصالته وعمق تفكيره، خاصة في الآيات المتعلقة بمبادئ الحكم والسياسة.