طمعه فِيهِ واستعد لَهُ بأسلحته فهيج مِنْهُ الْكبر والكبرياء وأثار الشَّهَوَات مِنْهُ حَتَّى اشتعل حريقها وحرها وأشخص آماله واستعد للحيلة عَلَيْهِ بِنَفسِهِ فَإِذا وجد صَدره مشحونا بِهَذِهِ الْأَشْيَاء الَّتِي هِيَ أسلحته وَتلك جنود الْهوى حمل حَملَة وَاحِدَة فَلَمَّا رَأَتْ الْجنُود الَّتِي فِي صَدره أَن سيدهم قد أقبل ثَارُوا من معادنهم وَاصْطَفُّوا بَين يَدَيْهِ فِي صدر العبيد وتداعت منَازِل الشَّهَوَات بَعْضهَا بَعْضًا فَإِذا رأى الْقلب حَملَة الْعَدو وسلطان تِلْكَ الْجنُود وعَلى مقدمته جَيش الْهوى انهزم وتخلى عَن الْبَاب فَوَقَعت الْغَارة فِي الْكُنُوز كنوز الْمعرفَة حَتَّى تركت الْقلب خَالِيا من الْكُنُوز وَبقيت الْمعرفَة خَالِيَة كمعلقة بأدق من الشعرة فَبَقيَ الْقلب متحيرا يتذبذب وَقد افْتقدَ الْعلم وَالْحيَاء والخشية وَالْخَوْف وَالْحب وَجَاء الْهوى وشهوات النَّفس فسكنوا الْقلب وَأَحَاطُوا بالمعرفة فدقت قُوَّة الْمعرفَة حَتَّى تورده النَّار مَعَه فَذَهَبت قُوَّة الْمعرفَة وَصَارَت كالمعلقة بشعرة وَصَارَ الصَّدْر مملكة الْهوى وَرجع الْعَدو فَظهر على الْجَوَارِح من الْحِرْص جمع الدُّنْيَا وَمن الْكبر إبِْطَال الْحُقُوق وظلم الْعباد وَمن الشَّهَوَات رفض الْعُبُودِيَّة ونبذ الْعَهْد وَنقض الْمِيثَاق وَجَاءَت أَعمال الْفسق والفجور وخبث السريرة وَحسن الْعَلَانِيَة والنفاق وسكر الْعقل وَولَايَة الْهوى وإمرته وانكمن الْعقل وانسد الْفَهم