{وعد الله الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات مِنْهُم مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما}
مثل من يستمع قلبه إِلَى حَدِيث نَفسه فَيقبل مِنْهَا ويستشيرها فِي أُمُوره وَيقبل مَا تُشِير عَلَيْهِ مثل رجل مَعْرُوف بِالْعقلِ وَالْعلم ذِي خطر وجاه يستشيره النَّاس فِي أُمُورهم أقبل على صبي من خلقان وأدناس وبزاق ومخاط يلْعَب بِالتُّرَابِ لعب الصّبيان فَهُوَ يستشيره فِي الْأُمُور ويستمع مقالاته وَيقبل مِنْهُ فَكل من نظر إِلَيْهِ من الْعُقَلَاء تحير فِي أمره وتعجب من فعله
فَكَذَا النَّفس فِي جَوف الْآدَمِيّ بِهَذِهِ الصّفة نهمتها اللّعب والبطالة من الشَّهَوَات والنهمات مَعَ خلقان الْأَعْمَال وأدناس الذُّنُوب وبزاق الْغَضَب ومخاط الْبكاء جزعا على فَوَات الدُّنْيَا ومصائب أحوالها
فَإِذا ذهب الْقلب الَّذِي أكْرمه الله تَعَالَى بمعرفته وزينه بِالْعقلِ وشرفه بِعلم أَسْمَائِهِ وَعلم الْقُرْآن فَأَعْرض عَن هَذِه العطايا والهدايا وَأَقْبل على حَدِيث النَّفس وإشاراتها وَإِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ فَقبل مِنْهَا واستفاد بهَا فَهَذَا شَأْن عَجِيب وَمن نظر إِلَيْهِ فِيهِ حيره