الْأَشْيَاء فالعباد يَحْتَاجُونَ إِلَى ضرب الْأَمْثَال لما خفيت عَلَيْهِم الْأَشْيَاء فَضرب الله لَهُم مثلا من عِنْد أنفسهم لَا من عِنْد نَفسه ليدركوا مَا غَابَ عَنْهُم فَأَما من لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء فَلَا يحْتَاج إِلَى الْأَمْثَال تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا
فَلَا جرم مَا ضرب الْأَمْثَال من نَفسه لنَفسِهِ وَكَيف وَلَا مثل لَهُ وَلَا شَيْبه لَهُ فَلذَلِك قَالَ جلّ ذكره {فَلَا تضربوا لله الْأَمْثَال}
فالأمثال نموذجات الْحِكْمَة لما غَابَ عَن الأسماع والأبصار لتهدي النُّفُوس بِمَا أدْركْت عيَانًا
فَمن تَدْبِير الله لِعِبَادِهِ أَن ضرب لَهُم الْأَمْثَال من أنفسهم لحاجتهم إِلَيْهَا ليعقلوا بهَا فيدركوا مَا غَابَ عَن أَبْصَارهم وأسماعهم الظَّاهِرَة فَمن عقل الْأَمْثَال سَمَّاهُ الله تَعَالَى فِي كِتَابه عَالما لقَوْله تَعَالَى {وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ}
فالأمثال مرْآة النَّفس والأنوار أنوار الصِّفَات مرْآة الْقلب وَإِن الله تَعَالَى جعل على الأفئدة أسماعا وأبصارا وَجعل فِي الرؤوس