وَآخر مَعَ قراطق كَثِيرَة بَعْضهَا على بعض من بَين ديباج وحرير وساج وكتان لون على لون ومنطقة ذهب فِيهَا فصوص وجواهر كل فص لَهُ ثمن نَفِيس وإكليل كمثلها وَبِيَدِهِ ضبائر الريحان من كل لون من الْورْد والبان والياسمين يفوح مِنْهُ ريح الْمسك
فعين هَذَا الْملك على مثل هَذَا الْخَادِم فَإِذا سَار بَين يَدَيْهِ سَار على موكبه بحرسه ولوائه
فَإِنَّمَا نَالَ هَذِه الرُّتْبَة وَالْمحل والتمكين لِأَنَّهُ استحلى صورته وخلقته وهيئته وخدمته وأدبه وكياسته وظرفه ومحاسن أَفعاله وطهارة خلقه وَلَو كَانَ دميما فِي خلقته سمجا أبله فِي أخلاقه سيء الْخلق كسلان الْخدمَة لم ينل من هَذِه الْمرتبَة شَيْئا إِلَّا مَا يَقِيه من الْحر وَالْبرد وَيسْتر عَوْرَته ويشبع بَطْنه
فَكَذَا الْعمَّال بِطَاعَة الله تَعَالَى إِنَّمَا يعْملُونَ بِإِذن رَبهم فَمن كَانَ طَاهِر الْخلق كيس الذِّهْن فطن الْفَهم عَاقل اللب ذَا حَظّ من الْحِكْمَة كَانَ الْإِذْن لَهُ بَين يَدي الْملك أوسع وأكبر وَكَانَ كَالْعَبْدِ الَّذِي تلونت كسوته وزينته بَين يَدي الْملك فَإِنَّمَا كَسَاه الْملك بِهَذِهِ الألوان لِأَنَّهُ وجده بِحَيْثُ يَلِيق بِهِ هَذِه الألوان كلهَا وَأَعْطَاهُ ضبائر