قُوَّة بِنور الْمعرفَة لِأَنَّهُ إِذا رفع عمله إِلَى الله تَعَالَى نظر الله إِلَيْهِ فاشتغل بذلك فَذَلِك الْعَمَل النُّور وَأَصله فِي الْقلب وفرعه عِنْد الله تَعَالَى فَإِذا اشتعل الْفَرْع نورا بِنَظَر الله تَعَالَى إِلَيْهِ تأدى ذَلِك النُّور إِلَى الأَصْل فاختلط بِنور الْمعرفَة فتزكى وإضحاؤها للشمس رفع العلائق وَهُوَ ركُوب الْهوى فِي الشَّهَوَات فَإِذا زَالَ الْهوى عَن الْقلب كَانَ بِمَنْزِلَة بَيت رفع سقفه حَتَّى خلص إِلَى الشّجر حر الشَّمْس فَعندهَا يغلظ سَاقه وتكثر فروعه وتزكو ثَمَرَته كعود غرسته فِي وعَاء مثل الْحبّ وَفِي أصل الْحبّ تُرَاب فَلم يزل هَذَا الْعود يَنْمُو بسقي المَاء وإشراق الشَّمْس حَتَّى صَار ذَا سَاق غليظ امْتَلَأَ من غلظه هَذَا الْحبّ حَتَّى لم يبْق فِيهِ مَوضِع ظفر فَإِذا امْتَلَأَ لم يكن لشَيْء غَيره مساغ فِيهِ أَن يدْخلهُ
فَكَذَلِك الْمعرفَة إِذا تمكنت فِي الْقلب عروقها لَا يزَال يَرْبُو على ازدياد الْعلم بِاللَّه وبأسمائه وبربوبيته وتدبيره وعَلى أَعمال الْبر وَقطع العلائق حَتَّى يمتلئ الْقلب مِنْهُ فَكَانَ بدؤه نور الْمعرفَة فلحقت بِهِ هَذِه الْأَنْوَار نور الْمعرفَة وأنوار الْعَمَل فَامْتَلَأَ الْقلب نورا حَتَّى لم يبْق فِي الْقلب مَوضِع رَأس إبرة خَالِيا عَن النُّور فَكيف تدخله ظلمَة الْهوى وَالنَّفس فَإِذا لم يربه بِهَذِهِ الْأَنْوَار بَقِي الْقلب