وبخس حَظه وَحرم ثَوَابه وَحط قدره وَبَطلَت رتبته فَظهر فِي رَعيته إنجاز وعده ووصول وعيده إِلَى من اسْتحق ذَلِك وَفِي هَذِه الرّعية طبقَة مؤتمرون بأَمْره زائدون على مَا وظف عَلَيْهِم من أمره ناصحون لَهُ قد شغفوا بِهِ حبا وأعينهم مَادَّة إِلَى مَا يَأْمر وَإِلَى مَا يقْضِي وَإِلَى مَا يدبر لَهُم حَتَّى يتلقوا تَدْبيره بالهشاشة ووجوه متطلقة وأفعال سَمْحَة ويتلقوا أمره بالتعظيم وَمَعَ ذَلِك ينصحونه فِي رَعيته فينشرون محاسنه وأفعاله وأخلاقه وَحسن مُعَامَلَته بِالرَّحْمَةِ ويخبرون عَن ملكه وَجُنُوده وكنوزه وغناه ويحثون الرّعية على طَاعَته وَالْحمية لَهُ وَالْجد فِي أُمُوره والشفقة 68 على أودائه فَهَذِهِ الطَّبَقَة أوجههم عِنْد الْأَمِير وأعظمهم قدرا لما أظهرُوا من النَّصِيحَة وَالْحب لَهُ
فَكَذَلِك شَأْن الْآدَمِيّين مَعَ الله كَانَ أوجههم عِنْد الله تَعَالَى أشكرهم لَهُ وَأَكْثَرهم نشرا لمحاسن أَفعاله وأخلاقه وأعلمهم بصفاته وأغزرهم معرفَة بِهِ وأوثقهم بِهِ وَإِن الله تَعَالَى أظهر ملكه وَخلق فِي ملكه خلقه ثمَّ آتى كل ذِي روح يَتَحَرَّك فِي السَّمَوَات ويدب فِي الأَرْض على قدره من ملكه بِتِلْكَ الْحَيَاة الَّتِي جعل فِيهِ فَمن سَار فِيمَا أُوتِيَ من الْملك بسيرته الَّتِي مثل لَهُ فقد تواضع لملكه وَوضع نَفسه لملكه فَإِذا دعِي يَوْم الْمُقدم عَلَيْهِ قدم