لهذه المكانة، لا سيما أن أساتذته مقيمون فيها وهم ما هم علما وأدبا وشعرا. على أن هذا لا يعني أنه تأخّر فيها، بل كان أمره فيها في حيث لا يؤخّر عن رتبة يبلغها أقرانه الذين هم في منزلته [38] .

ومهما يكن من أمر، فإن إقامته في الشام- على ما يبدو- لم تطل كثيرا أيضا، فقد فارقها وقد قاربت شخصيته الأدبية الاكتمال إن لم تكن قد اكتملت [39] ، إذ نحن لا نجد بعد مغادرته الشام أحدا من العلماء يمكن أن يقال عنه: إنه كان أستاذا له، وإنه أخذ عنه.

أما السنة التي غادر فيها الشام فنحن لا نعرفها على وجه التحديد، ولكننا نستطيع أن نقرّر أن رحلته كانت قبل حلول سنة 353 هـ. إذ أننا نعرف أنّه اتصل بوالي سجستان أبي الحسين طاهر بن محمد [40] ، وأن طاهرا هذا كان واليها في تلك السنة بعد أن استخلفه عليها خلف ابن أحمد أثناء حجّة فاستبدّ بها دونه [41] .

وإذا، فقد غادر الشام قبل سنة 353 هـ- كما قلت- ميمّما وجهه شطر بخارى وهو لم يبلغ الثلاثين من عمره وإن يكن قد قاربها. وكان عليها يوم قصدها الأمير منصور بن نوح، وكان وزيره- على ما يظهر-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015