منها في هذا الكتاب. ولا بدّ أن تكون معرفة هذه الأيام تفرض عليه أن يلمّ بأنساب العرب، فبلغ من معرفته بها ما كان يحيّر بعض أقرانه من العلماء [22] ، وما جعله فيها إماما [23] .
ويهمّني الآن أن أعرف متى ورد أبوبكر بغداد، إذ اكتفى مؤرّخو حياته أن يقولوا: إنه ورد العراق، دون أن ينص أحد منهم على تاريخ ذلك، بل إن أحدا منهم لم يذكر بغداد سوى الحاكم النيسابوري الذي لولاه لكنت ظننت أنّه ورد العراق سائحا لا طالب علم. ولقد نستعين على معرفة تاريخ رحلته بتاريخ وفاة أحد شيوخه أعني به أبا عليّ الصفار، فقد توفي سنة 341 هـ[24] . فإذا كان الأمر كذلك فمعناه أنّ أبابكر قد ورد بغداد قبل هذا التاريخ، وأنّه لازم الصفّار مدّة أتاحت له أن «يذكر سماعه ... » [25] منه.
ويمكنني أن أتخيّل أنه سمع- أثناء حياة الصفّار وبعدها- من القاضي أبي بكر السنجري مدّة لا أستطيع تحديدها، ولكنني أستطيع تخمينها بما لا يرقى إلى سنة 346 هـ، فقد غادر بغداد قبل هذه السنة متّجها إلى حلب. وإنما نصصت على هذه السنة، لأنني أعرف أنّه التقى بالمتنبيّ في حلب، وزاره في بيته [26] ، وأعرف أن المتنبّي غادر