المطلب الأول: في بيان الحجة في قوله تعالى:
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} .
هذا المثل ورد في سياق من سورة "النحل" نهى الله تعالى فيه عن ضرب الأمثال، معللاً النهي بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} . ثم ضرب سبحانه وتعالى هذا كمثل لتعليمهم أمراً يتعلق بالقضية التي ناقشها السياق، وهي إبطال الشرك، حيث قال سبحانه قبل ذلك:
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنْ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} 1.
نوع المثل:
هذا المثل من الأمثال الأنموذيجية، حيث جعلت نتيجة المقارنة بين المثلين - العبد المملوك، ومن رزقه الله رزقاً حسناً - أنموذجاً منصوباً أمام عقل السامع ليقيس عليه ما يناسبه ويعتبر به، فيسوي بين المتماثلات في الأحكام ويفرق بين المختلفات.