الثبوتية التي كلما كانت أكثر في الموصوف وأكمل كان أعلى من غيره، ولما كان الرب تعالى هو الأعلى ووجهه الأعلى وكلامه الأعلى وسمعه الأعلى وبصره الأعلى وسائر صفاته عليا، كان له المثل الأعْلَى وكان أحق به من كل ما سواه، بل يستحيل أن يشترك في المثل الأعلى اثنان، لأنهما إن تكافآ لم يكن أحدهما أعلى من الآخر، وإن لم يتكافآ فالموصوف بالمثَلِ الأعْلَى أحدهما وحده، فيستحيل أن يكون لمن له المثل الأعْلَى مثل أو نظير، وهذا برهان قاطع من إثبات صفات الكمال على استحالة التمثيل والتشبيه، فتأمله فإنه في غاية الظهور والقوة"1.

وقال: "وهذا الذي في قلوبهم من المثل الأعلى لا يشترك فيه غيره معه، بل يختص به في قلوبهم كما اختص به في ذاته"2.

وبعد هذه الوقفات والملاحظات أعود إلى الأمور التي يُفسَّر بها "المثَلُ الأعْلَى" لأبين لكل أمر: دلائله من السياق، والمعاني اللغوية، وأقوال أهل العلم التي فسرت المثل الأعْلَى به، ونحو ذلك.

ويكون في الفروع الآتية:

الفرع الأول: المثَلُ الأعْلَى الحقيقي القائم بذات الله.

الفرع الثاني: المثَلُ الأعْلَى العلمي الخبري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015