أما قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَآءُ} 1 وقوله: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَآءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ} 2 فالمراد ملك الدنيا من الرئاسة والزعامة على بعض البلاد والعباد، وليس المراد ملك التصرف وتدبير الكون، ويدل على ذلك سياق آية سورة البقرة حيث قال سبحانه: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوآ أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ المَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} 3.
وبهذا تستقر الخطوة الأولى في قطع الطريق على من يزعم أن الله أعطى ملك التصرف في الكون لأحد من الخلق، بإثبات تفرده بالملك بأساليب كثيرة متنوعة قاطعة، وأنه لا يشرك في ملكه أحدا، وأن كل من عُبد من دونه فهو لا يملك من ملك الله شيئا، فليس له شيء من الربوبية، فلا يستحق شيئا من العبادة.