لو جاءتهم كل آية لا يؤمنون بها، أو لكونه لم يؤمن أول مرة مع تبين الحق له، أو لأي سبب سابق ترتب عليه في حكمة اللَّه أن يؤذن له بالزيغ.

وكتب - سبحانه - عليه ذلك الفعل.

وكتب عليه فعله - سبحانه - المناسب أن يقابل به زيغ ذلك الزائغ، من إزاغة قلبه، والختم والطبع عليه، أو غير ذلك من أفعاله الحكيمة التي يقابل بها أفعال عباده.

وخلاصة هذه الفائدة هي:

أن المثَل - مثل الظلمات في سورة "النور" - دل على إضلال اللَّه للكفار، وختمه على قلوبهم وأسماعهم، بحُجُب تحجب عنهم أنوار الهداية.

وأن ذلك لم يضرب عليهم في أصل الخلقة، حيث خُلقوا كغيرهم من المكلفين على الفطرة السوية، وإنما هو عقوبة لهم بسبب كفرهم وضلالهم.

وأن ذلك هو مقتضى حكمة اللَّه التي يعامل بها عباده حيث يكتب الخير والإحسان للمحسنين، ويقدر العقوبة والحرمان والأغلال على الضالين المكذبين.

وأن اللَّه قدر ذلك عليهم في اللوح المحفوظ، إذ كتب علمه بها.

وذلك أن اللَّه لم يزل عالماً ما سيفعلونه، فكتب أفعالهم التي علم أنهم سيفعلونها واقتضت الحكمة أن يؤذن لهم بفعلها، ومن ذلك ضلال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015