قال ابن جرير - رحمه اللَّه -:
"والصواب من القول عندي في الطاغوت: أنه كل ذي طغيان على اللَّه فعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، إنساناً كان ذلك المعبود أو شيطاناً، أو وثناً، أو صنماً كائناً ما كان من شيء"1.
فالضابط إذاً لمعنى الطاغوت:
أنه كل مخلوق تجاوز حده وادَّعى لنفسه أو لغيره شيئاً مما تفرد اللَّه به، أو نُسب إليه ورضِيَ، أو كان في حكم الراضي.
ويخرج من هذه الأنبياء والملائكة وصالحو الإنس والجن الذين عُبدوا في حياتهم أو بعد موتهم أو أسند إليهم دون رضاهم شيء مما اختص اللَّه به. وذلك أنهم لم يدَّعوا ذلك ولم يقروا مَن ادعاه، وسيتبرّؤون منه إن علموا به في حياتهم أو يوم القيامة كما قال تعالى مبيناً ذلك: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} 2.
فهم لا يعبدونهم في حقيقة الأمر، إنما يعبدون الشياطين الذين زيَّنوا