ويقرِّب على التبصرة، لا كالملوك الذين يقال لهم:
دعِ المكارم لا تنهضْ لبُغيتها ... واقعدْ فإنَّكَ أنتَ الطاعمُ الكاسي
ومن نِعمِ الله تعالى عليه - أدام الله تعالى النِّعمَ لديه - أن الله قرن ألفاظه بفَصْل المقال، ووشَّحَ كلامَه بضرب الأمثال، وسمعته - أعزَّ اللهُ نصره - يتمتَل كثيراً بفصوصٍ من شعر المتنبي هي لبُّ اللب، يضعُ فيها الهناءَ موضعَ النُقب. وهذا الشاعر مع تمييزه وبراعته، وتبريزه في صناعته، له في الأمثال خصوصاً مذهبٌ سبق به أمثاله، فأمليت ما صدر عن ديوانه من مَثَلٍ رائعٍ في فنِّه، بارعٍ في معناه ولفظه، ليكون تذكرةً في المجلس العالي، تلحظها العين العالية، وتعيها الأذن الواعية. ثمَّ إنْ أمر - أعلى اللهُ أمرهُ - أمليتُ بمشيئة الله